ضمن جهودها العلمية واسهاماتها التي تقوم بها رابطة الجامعات الإسلامية ، كانت مشاركتها بالأمس في المؤتمر الدولي الثامن بعنوان : "الصحة والبيئة في إطار التنمية المستدامة مع الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة" والذي بدأت جلسته الإفتتاحية بمقر جامعة الدول العربية وحضره عدد كبير من العلماء والباحثين من مصر والدول العربية يتقدمهم المستشار أول محمد خير عبدالقادر مدير الإتحادات العربية النوعية بجامعة الدول العربية والدكتور أشرف عبدالعزيز الأمين العام للإتحاد العربي للتنمية المستدامة "رئيس المؤتمر" والدكتور نادر كمال جعفر – رئيس الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة.

وقد ألقى الأستاذ الدكتور اسماعيل عبدالنبي شاهين – مساعد الأمين العام للرابطة – كلمة أشار في بدايتها إلى أن من أهم المشكلات التي برزت في عصرنا الحاضر ، والتي احتلت مكانا بارزا من اهتمامات الدول والعلماء والمفكرين ، هي مشكلة حماية البيئة والمحافظة عليها ، وخاصة بعد ازدياد مصادر التلوث البيئي وتنوعها ، وظهور الآثار الخطيرة المترتبة على هذا التلوث ، وخاصة على صحة الإنسان وسلامته ، وكذلك على الثروات الطبيعية والزراعية والحيوانية وغيرها.

وأشار إلى أن قضية المحافظة على البيئة قد أصبحت إحدى القضايا العالمية المعاصرة والملحة ، بل إنها أصبحت محور اهتمام العلماء ومراكز الأبحاث العلمية ، بعد أن بدأت البيئة تتعرض للإفساد والتدهور والإستنزاف وظهور الكثير من الفساد البيئي كالتلوث الذي يؤدي إلى كثير من الأمراض وتدهور الصحة العامة لبني البشر ، ومن ثم تتوقف أو تتدهور عملية التنمية المستدامة التي تهدف إليها كل دول العالم المعاصر.

وأوضح الأستاذ الدكتور إسماعيل شاهين أن الأمراض الناتجة عن التلوث البيئي تزيد على 100 مرض ذات خطورة بالغة ، وخاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن ، ولعل ما يساعد على الفساد البيئي هو غياب الوعي البيئي وتجاهل الأحكام الشرعية الإسلامية التي ينبغي أن تحكم سلوك الإنسان تجاه البيئة التي منّ الله بها عليه وسخرها لخدمته ولخدمة مصالحه ، خاصة وأن الإسلام قد بيّن المبادئ والأسس التي تحقق للبشرية سلوكا بيئياً سليماً.

ونوّه مساعد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية إلى ضرورة أن يكون من بين أبحاث المؤتمر ما يبين ذلك في الفقه الإسلامي بما ينعكس إيجابيا على البيئة الطبيعية التي هي ميراث البشرية المكرّمة من قِبَل الله عز وجلّ.

نشر الوعي البيئي

وحول الأخطار التي تحيط بالإنسان بسبب التلوث البيئي شدد على ضرورة الإهتمام بالبيئة الصحية والنفسية والإجتماعية والعمل على نشر الوعي البيئي والصحي للمواطنين من خلال إعلام صادق وهادف وتعليم يهتم بالصحة والبيئة وبث الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع وإصدار التشريعات البيئية الملزمة التي تحمي البيئة وتحافظ عليها من أجل تنمية مستدامة لمجتمع متحضر.

وقال مساعد الأمين العام في كلمته الضافية أمام السادة حضور المؤتمر : "ومن المهم أن أشير إلى أن الفساد البيئي المؤدي إلى كثير من الأضرار بالصحة العامة يُقصد به كل ضرر يُحيق بمكونات البيئة وبما فيها من مخلوقات بفعل الإنسان وبغيره.

مشيرا إلى أن هذا المعنى قد جاء أكثر وضوحاً في قول الله عز وجلّ " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" .. فالفساد في الآية يعني ارتكاب المعاصي أو الجوْر بسبب الإنسان فقط. غير أن لفظة "الفساد" تتسع أيضا لتعبر عن التلوث الذي يُحدثه الإنسان في البيئة من فساد وتلف. موضحا أن هذا الفساد يكون في البر والبحر سواء.

وإذا كان هذا هو موقف التشريع الإسلامي الحديث ، فإن النظم الوضعية لن تتخلّف عن مسايرة الركب في محاولة لوضع التشريعات اللازمة لحماية البيئة والصحة من أجل تنمية مجتمعية مستدامة.

مبيناَ ما قرره مؤتمر ستوكهولم للبيئة الذي انعقد في 1972 بتوصية من الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ومؤتمر ريو الذي انعقد عام 1992 برعاية الأمم المتحدة أيضاً ، وجاء بمضمونهما أن البيئة هي كل ما يحيط بالإنسان من كائنات حيّة وغير حيّة وتؤثر بشكل مباشر على الإنسان. وأن الأضرار البيئية هي الأذى الذي يلحق بالإنسان من جراء الإستخدام الخاطئ للبيئة.

ثم توالت التشريعات المحلية والدولية التي تعالج أحكام البيئة وآثار عدم المحافظة عليها والتي تختلف من بلد إلى بلد حسب ظروف كل مجتمع .

وناشد د. شاهين في ختام كلمته بضرورة تحديد وتطوير كل القوانين البيئية المحلية والدولية وخاصة في مجال الإدارة البيئية التي تُحِدُ من معوقات الإدارة في المحافظة على البيئة.

كما طالب د. شاهين بضرورة توسيع مفهوم الأمن القومي ليشمل الأمن البيئي ، وطالب بأن يكون مُقرر البيئة متطلباً عاماً لطلبة الجامعات ومراحل ما قبل التعليم الجامعي.