كثيرة هي التكريمات التي تقام احتفاء بالدكتور والعالم الجليل د. جعفر عبد السلام ، والتي أقيمت له في شتى بلاد العالم، وخاصة من جامعاتها العربية، وهذه التكريمات والدروع المهداة إليه يزدان بها مكتبه داخل رابطة الجامعات الإسلامية، وفي منزله العامر المطل على نيل منيل الروضة بالقاهرة، وكانت أبرز هذه التكريمات التي تسلمها من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في ذكرى المولد النبوي الشريف في العام الماضي.

واليوم نسعد جميعا بهذا التكريم الذي تقيمه جمعية الحضارة والفنون الإسلامية برئاسة الفنان الدكتور محمد زينهم ، العاشق والمحب للدكتور جعفر عبد السلام ، ونحن نعتز بهذا التكريم ونشكره على هذه اللفتة الطيبة من فنان رائع ومبدع ، وأستاذنا الجليل الدكتور جعفر عبد السلام واحد من علماء المسلمين الذين كرسوا حياتهم وعلمهم لإعلاء شأن المسلمين، والحفاظ على مفهوم وسطية الإسلام والعمل على نشره عالميا من خلال مؤلفاته وبحوثه وكتاباته، ومنذ تولي عمله في الجامعة وعلى مدى جهوده، وكذلك حينما تولّى عمله مديرا لمركز الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، ثم توليه للدور الكبير بداية من تسعينات القرن الماضي –أمينا عاما لرابطة الجامعات الإسلامية-، وعقب نقلها من المغرب إلى مقرها الحالي داخل جامعة الأزهر.

وقد شهدت هذه المرحلة في عهده نجاحات تتلوها نجاحات، بداية من دور الرابطة في تقديم الدعم الثقافي والعلمي، وتطوير بعض المناهج، وإقامة المؤتمرات، وعقد الندوات، وتبادل الأساتذة والاستفادة من خبراتهم وعلمهم ليتزايد عدد الجامعات الأعضاء في الرابطة وليصل عددهم حاليا إلى مائتي جامعة.

خلال رحلة أستاذنا الدكتور جعفر عبد السلام واصل جهوده بكل دأب وباحترافية رجل القانون ونائب رئيس جامعة الأزهر الشريف، والخبير بشؤون عالمنا الإسلامي وطموحاته في الارتقاء بالمناهج الشرعية، ونقل الخبرات من خلال المؤتمرات التي تناولت كل القضايا الحياتية تطوف كل أرجاء العالم شرقا وغربا في إيطاليا بجامعة فلورنسا، وفي هولندا بجامعة أمستردام الحرة، وفي فرنسا بمعهد ابن سينا ، وفي أندونيسيا وماليزيا والاردن وسوريا ولبنان والجزائر وليبيا وتونس وفلسطين والسودان والإمارات والكويت وقطر وتشاد وغيرها..

كما احتضنت الجامعات السعودية الكثير من أعمال المجلس التنفيذي والمؤتمرات المصاحبة له، ونذكر هنا الدور الكبير لرابطة العالم الإسلامي والتي قدمت الدعم الكامل للرابطة، وكذلك الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وجامعة نايف للعلوم الأمنية بالرياض، وجامعة الأمير محمد بن سعود هذه المؤتمرات ومن خلال توصياتها حققت فوائد كثيرة ، أبرزها هذا الحرص من قبل العلماء والباحثين على وحدة المسلمين ومناقشة كل القضايا المصرية التي تواجههم والعمل على إيجاد الحلول المناسبة، ووضع الاستراتيجيات التي تحقق الدور المحوري الذي تقوم به رابطة الجامعات الإسلامية والذي يؤديه الاستاذ الدكتور جعفر عبد السلام باقتدار ورؤية ثاقبة وفكر متجدد يشهد به كل الذين يعملون معه ويجتهدون لتحقيق الهدف الأسمى الذي ينشده.

وكل الذين يعرفون العالم ورجل القانون، كيف عالج المشكلات التي نتجت عن الإرهاب وتداعياته من خلال المبادرة التي أطلقها من داخل رابطة الجامعات الإسلامية بعنوان: "سلسلة فكر المواجهة"، وأصدر 30 عنوانا من بينها "الإسلام وحوار الحضارات" ، و "العدوان على العراق" ، و "نظرية الأمن الاجتماعي في الإسلام" ، و "تجديد فهم الدين" ، و "الإسلام والعولمة" ، وألف كتابا مع مجموعة متميزة بعنوان: "الإسلام في مواجهة الإرهاب".

كما وجه بإقامة الكثير من المؤتمرات واللقاءات العلمية لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، وانتهت إلى مجموعة من التوصيات التي إذا ما طبقت من الممكن أن توقف نشاط الجماعات المتطرفة والإرهابية، فضلا عن ترشيد شباب العالم الإسلامي وإعادته إلى رشده من خلال فهم صحيح الدين.

إن رحلة الأستاذ الدكتور جعفر عبد السلام تستحق إلى توثيق علمي، يتناول جهوده على مدى أكثر من خمسين عاما، أدّى فيها دورا وطنيا يشهد به الجميع، وهو يتنقل بين بلاد الدنيا، رسالته أن تنهض الجامعات الإسلامية بدورها في خدمة مجتمعها، وجمع كلمة المسلمين، والحرص على وحدة المسلمين، وإبراز وسطية الإسلام، والحرص على المصالحة الوطنية بين الخصوم في الوطن الواحد.

وهو يؤدي هذا الدور تجده حريصا على إنجاح أي مشروع يبدؤه، لا يغمض له جفن إلا وقد اطمأن إلى أن العمل الناجح قد وفر له سبل النجاح، واختار له العلماء والباحثين من كل قطر ووطن بهدف أن يترجم دور كل واحد من هؤلاء بجديد في كل مجالات العلوم والفنون والثقافات.

له ذاكرة حافظة وهبها الله له، فكانت خير عون على أن تتيح له النجاح بفضل الله..

بارك الله فيكم أستاذنا، ومنحكم كل ما تتمنونه من أجل تحقيق أمنياتكم وأهدافكم في الحياة لتحقق لديننا الإسلامي ما ننشده جميعا من رفعة وتقدم وازدهار.

كتب : عاطف مصطفى

المستشار الإعلامي لرابطة الجامعات الإسلامية