بدعوة كريمة من رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة وأمينها العام معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وبحضور كوكبة من العلماء والمفتين ووزراء ورؤساء المؤسسات الدينية من كل الدول الإسلامية، شارك معالي الأستاذ الدكتور سامي الشريف الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية في المؤتمر الدولي المتميز الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في الفترة من 7-8 رمضان 1445هـ 17-18 مارس 2024م بعنوان: (بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية).
وقد ألقى معاليه كلمة في الجلسة الخامسة للمؤتمر والتي جاءت بعنوان: (وثيقة مكة المكرمة... المشروع الحضاري للقرن الحادي والعشرين).
مشيدا في بداية كلمته بجهود المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين وبالدور المتميز والريادي لرابطة العالم الإسلامي في تلك الجهود الحثيثة بقيادة ربانها وأمينها العام معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى .
وقد أشار سيادته إلى أن التطور التكنولوجي الرهيب الذي أحدثته ثورتا الاتصال والمعلومات أدى إلى تفشي ظاهرة الكراهية وخطابها المقيت، ولا سيما عبر الفضاء الإلكتروني، وما يحمله من استقطاب لأعداد متزايدة من الشباب والنشء بالانضمام لجيوش الكراهية العصرية التي تؤسس لمعارك الاقتتال الاجتماعي والسياسي والفكري والمذهبي في مختلف دول العالم.
مشيدا بإسهامات رابطة العالم الإسلامي – في ظل قيادتها الحكيمة – في دعم كل الجهود الرامية إلى تعزيز مفاهيم مد الجسور والتفاهم والحوار بين مختلف الحضارات والثقافات والشعوب بهدف رؤية حضارية من شأنها ترسيخ قيم الوسطية ودعم قيم الصداقة والتعاون والعيش المشترك.
كما أشاد بالمبادرة التي أطلقها معالي الشيخ الدكتور/ محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العالم لرابطة العالم الإسلامي من منبر الأمم المتحدة بعنوان " جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب " وأضاف أننا إذا كنا بحاجة ماسة إلى مد جسور التفاهم والعيش المشترك مع الآخر، فإننا كمسلمين بحاجة أكثر إلى تحقيق ذلك فيما بيننا وتقديم صورة مشرقة وصحيحة عن الدين الإسلامي كما حددها القرآن الكريم وسنة نبينا محمد .
وأشار الأمين العام إلى أن أهمية هذا المؤتمر تأتي انطلاقاً من موضوعه وتوقيت انعقاده ورمزية مكان الانعقاد.
فالمؤتمر يناقش موضوع " بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية " وهو يعقد في رحاب مكة المكرمة وبجوار بيت الله الحرام قبلة المسلمين جميعاً بمختلف مذاهبهم، ويعقد في شهر رمضان المعظم الذي أنزل فيه القرآن الذي نؤمن به جميعاً.
وأكد أن وثيقة مكة المكرمة " والتي صدرت في شهر رمضان المبارك لعام 1440 هجرية الموافق لشهر مايو عام 2019م، والتي وقع عليها أكثر من ألف ومائتين من كبار مفتي وعلماء الأمة الإسلامية من مختلف المذاهب والطوائف.
وهي تمثل تعبيراً مشتركاً عن توافق المرجعيات الدينية الإسلامية، وتأكيدها على أن المسلمين جزء أصيل من هذا العالم ، يسعون للتواصل معه بكل مكوناته لتحقيق صالح البشرية جمعاء، وتعزيز قيمها النبيلة، وبناء جسور المحبة والتفاهم والوئام بين البشر جميعاً، والتصدي لكل ممارسات الظلم والصدام الحضاري وسلبيات الكراهية البغيضة.
مؤكداً أن وثيقة مكة المكرمة تعد مشروعاً حضارياً متكاملاً، حيث جاءت بنودها التسعة والعشرون لتؤكد أن البشر على اختلاف مكوناتهم ينتمون إلى أصل واحد، وأنهم متساوون في إنسانيتهم ولا يمكننا النظر إلى وثيقة مكة المكرمة باعتبارها وثيقة دينية فحسب، بل هي وثيقة إنسانية تمثل دستوراً تاريخياً لإرساء قيم التعايش والسلام بين اتباع الشرائع المختلفة.
مضيفا أن وثيقة مكة المكرمة جاءت لتأسيس منظومة تشريعية تسهم في تحقيق الأمن الاجتماعي، وتقيم أرضية صلبة تقوم على قواعد السلام العالمي وإرساء قيم التعايش والإخاء والمشترك الإنساني.
وفي ختام كلمته أكد معاليه على أن الدعوة لوحدة المسلمين وتضامنهم ليست دعوة موجهة ضد أحد؛ بل هي لتحقيق غرض ديني نبيل وامتثال لنداء إلهي عظيم جاء في قوله تعالى " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ "آية 103 سورة آل عمران