عقدت رابطة الجامعات الإسلامية صباح اليوم الأربعاء 26/5/2021م، مؤتمرا دوليا افتراضيا حول:(الهوية الإسلامية ودورها فى دعم العلاقات بين الشعوب)،والذي نظمته لجنة الفقه وأصوله بالرابطة، تحت إشراف معالي أ.د اسامة العبد الأمين العام للرابطة. وقد ارتكز المؤتمر على ثلاثة محاور رئيسة، المحور الأول منها تناول: الهوية الإسلامية وسبل تعزيزها، في حين تناول المحور الثاني: دعم العلاقات الإنسانية، بينما المحور الثالث: فقد ناقش التحديات التي تواجه الهوية الإسلامية،حيث بدأت فعاليات المؤتمر في الساعة الحادية عشر صباحا، واستمرت لأربع ساعات متتالية. شارك في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر معالي الأستاذ الدكتور/ أسامة محمد العبد، الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، والأستاذ الدكتور / نظير محمد عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والأستاذ الدكتور/ محمد الحفناوى مقرر لجنة العلوم الشرعية بالرابطة. وقد أكد معالي الأستاذ الدكتور أسامة العبد في كلمته للمؤتمر : أن هويتنا الإسلامية ليست بمعزل عن الحضارات ، فهي تشارك وتبدع في كافة الميادين الحياتية ؛لأننا أمة خيرية تعتمد مذهب الاعتدال والوسطية، حيث يقول الله تعالى: "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ.."."، مؤكدا على أن هويتنا الإسلامية تحافظ على الثوابت وتتجدد بتطور الحياة، وهي لا تتخلف عن الركب، وهويتنا الإسلامية بقيمها ومبادئها العالية تدفعنا بقوة للانطلاق نحو مستقبل حضاري إنساني مبني على القيم الإنسانية دون تخل عن ثوابتنا وحضارتنا؛ لنشارك العالم التقدم والازدهار، وندعو إلى السلم والسلام والعدل والإخاء. وأضاف معاليه أن علينا أن نخلق روح التنافس أفرادا ومجتمعات للتماسك والتقدم والازدهار في شتى مجالات الحياة، فضلا عن الحفاظ على قيم العدالة والحرية والمساواة التي أكدها رسولنا صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف:" الناس كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى". في حين أوضح الأستاذ الدكتور نظير محمد عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية خلال كلمته أن الإسلام جاء حاملا لعناصر البقاء والخلود،حيث يجمع بين المرونة والثبات، فهو رباني المصدر ،ملئ بالبراهين الكونية، إذلم يكن الإسلام في يوم من الأيام ، أو زمن من الأزمنة حكرا على أهله ، فسنوات تلو سنوات والناس تدخل في الدين الإسلامي في كل ربوع الأرض مع اختلاف الألوان والأجناس المتعددة من فرس وروم وهنود...وغيرهم،ومع هذا فشريعة هذا الدين هي مصدر للتعايش بين الشعوب، وهذا ما يؤكده القرآن الكريم :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". وفي كلمته أكد الأستاذ الدكتور/ محمد الحفناوى مقرر لجنة العلوم الشرعية بالرابطة خلال الجلسة الافتتاحية على أنه يقع على العلماء مهمة كبيرة ألا و هى تعريف الناس بربهم وإعادتهم إلى إسلامهم الصحيح؛ وذلك بتقديم الإسلام بصورة نقية خالية من الدخن ولا يتم هذا إلا عن طريق إظهار هوية الإسلام القائمة على الكتاب والسنة، تدبرا لقوله تعالى:"كنتم خير أمة أخرجت للناس" فحرف الجر – اللام – في قوله تعالى: (للناس) يفهم منه وظيفة الأمة، وهذا يعني أن الله عزوجل حين يحاسب غيرنا على عدم الدخول في الإسلام فإنه يحاسبنا نحن على تقصيرنا في حق ديننا وعدم تبليغه وتقديمه للغير كما جاء من عنده تعالى من غير تحريف ولا تبديل إن قصرت الأمة الإسلامية في حق نفسها، حيث لم تؤد الوظيفة التي وكلت إليها. مضيفا أنه يجب عليك كمسلم أن تُظهر هوية الإسلام على سلوكك قبل قولك .. ولا تجعل جفوة بين فعلك وقولك وإلا صرت بلا هوية وصرت شخصا مزعزع الفكر والعقيدة. إن معظم الخطاب في الكتاب والسنة في بدء التنزيل، انصرف إلى تشكيل الإنسان والمجتمع (محل الحكم) وفق منهج معين ... ومن ثم جاءت مرحلة تشريع الأحكام لهذا المجتمع، إذ لا فائدة من الحكم حفظا، وفقها، إذا افتقدنا المحل الذي هو الإنسان، أو المجتمع الإنساني. وبانتهاء الجلسة الافتتاحية بدأت فعاليات المؤتمر ومحاوره من خلال ثلاث جلسات جاءت على النحو التالي: الجلسة الأولى: التي ترأسها الأستاذ الدكتور/ نبيل السمالوطى عميد كلية الدراسات الإنسانية الأسبق – جامعة الأزهر – جمهورية مصر العربية، والذي أشار في كلمته في بداية الجلسة إلى دور الأزهر الوسطي المعتدل في الحفاظ على الهوية الإسلامية من الشطط والغلو ، ومن دعاة ما يسمون أنفسهم بالجماعات الإسلامية، والإسلام منهم براء، حيث لا يوجد شيء اسمه الإسلام السياسي أوالسلفي أو غير ذلك من المسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان. وقد قدم سيادته للمؤتمر ورقة علمية جاءت بعنوان: (ثقافة الحوار في وثيقة الأخوة الإنسانية في مواجهة العنف والتطرف والجماعات الإرهابية)، تناول فيها تفنيد ادعاءات الجماعات الإرهابية المتطرفة مؤكدا على أهمية ثقافة الحوار ووثيقة الأخوة الإنسانية في مواجهة العنف والتطرف وتلك الجماعات الإرهابية التي تدعو إلى تجنيد الشباب وتبني الفكر المنحرف عن الدين الإسلامي وثوابته موضحا الفرق بين التطرف الفكري وممارسة الخراب والقتل، وهو ما يتنافي مع هويتنا وثوابتنا الإسلامية. فيما ترأس الجلسة الثانية الدكتور أحمد بن سالم باهمام الأمين العام للمنظمة العالمية للتنمية- لندن، مقدما ورقة علمية بعنوان: (تعزيز الهوية الإسلامية عن طريق الأسرة والمسجد)، واما الجلسة الثالثة فترأسها الأستاذ الدكتور/ عبد الكريم عبد الجليل الوزان أستاذ الإعلام بجامعة ابن النفيس للعلوم والتكنولوجيا ،ومشاركا بورقة علمية بعنوان: (دور الإعلام في تعزيز الهوية الإسلامية)، كما شارك في المؤتمر من خلال الجلسات الثلاث مجموعة من الباحثين والأساتذة والأكاديميين من مختلف الدول العربية والإسلامية، مقدمين بمجموعة من الأوراق العلمية الرصينة. وقد انتهى المشاركون إلى مجموعة من التوصيات جاءت على النحو التالي: أهم توصيات مؤتمر"الهوية الإسلامية ودورها في دعم العلاقات بين الشعوب" توصية 1: للمؤسسات الشرعية في العالم الإسلامي، ومنها رابطة الجامعات الإسلامية دور سائد في تعزيز الهوية الإسلامية، لدعم التقارب بين الشعوب من خلال نشر الوعي الشرعي الصحيح وأداء رسالة الإسلام، وغرس العقيدة الإسلامية والدفاع عنها لصالح المجتمع والوطن والاستفادة من الثورة العلمية في إقرار الوحدة ونبذ الفرقة والتعصب. توصية 2: العمل على استمرار التجديد للخطابين الديني والثقافي، لاستيعاب المستجدات والقضايا والتحديات المعاصرة وفرض الحلول لها وفق المقاصد العامة للشريعة الإسلامية لتعزيز وترسيخ الهوية الإسلامية. توصية 3: الدعوة إلى العناية بتدريس الثقافة في الجامعات العربية والإسلامية كمادة مستقلة شأنها في ذلك كشأن الفقه والحديث والعقيدة والتفسير. توصية4: التأكيد على خطورة التعصب المذهبي بجميع صوره في بعثرة جهود الأمة وتقويض حركتها نحو البناء والتنمية والاستقرار. توصية 5: أهمية الهوية الإسلامية في تحقيق التقارب بين الشعوب، إذ إنها تسهم في إيجاد الحلول الشرعية للقضايا المعاصرة واستيعاب المستجدات. توصية 6: الدعوة إلى عدم التعصب و دحض الكراهية والتطرف والإرهاب ودعم وسائل المحبة والتآلف ولتقارب. توصية7: توعية الأسرة المسلمة بدورها المنوط بها في التربية ، وتعزيز الهوية الإسلامية من خلال المنابر الإعلامية المختلفة. توصية 8: الاهتمام بدور العبادة في جميع البلاد الإسلامية، وتوفير كافة الوسائل لها حتى تؤدي دورها الأصيل في بناء الفرد والمجتمع. توصية9: التأكيد على آليات مواجهة الصراع الطائفي؛ لتعزيز الهوية والتقارب بين المجتمعات من خلال تشكيل الوعي المجتمعي لدى الشعوب بأهمية الوحدة وتعزيز الهوية الإسلامية ونبذ العنف والعصبية والطائفية. توصية 10: في مجال دعم العلاقات بين الشعوب: - نوصي بضرورة إبراز احترام الإسلام للأديان والثقافات المختلفة ونشر ذلك على أوسع نطاق ممكن؛ وذلك من خلال وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم المختلفة لتكوين جيل جديد يؤمن بالإسلام ودوره في تحقيق السلم الاجتماعي والسلام الدولي. - نوصي بتدريس مقرر خاص بالجامعات يهتم بضرورة احترام الكتب السماوية وعدم الإساءة لاي كتاب منها، حتى تتكون ثقافة الاحترام لكل ما هو مشترك إنساني. - أهمية الدور الذي ينبغي أن يتبناه مثقفو الأمة في تنمية الوعي بحقيقة الهوية التي تتمثل في حفاظ المسلم على دينه وتمسكه بتعاليمه، فضلا عن الوحدة الثقافية المشتركة بين أبناء الأمة الإسلامية ككل. ..وفي الختام أشاد المجتمعون بمبادرة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي ومساندته ودعمه للأخوة الفلسطينيين ، والقضية الفلسطينية وجهوده في مبادرة وقف إطلاق النار ، وتثبيتها في الأراضي الفلسطينية.