منذ خلق الله – سبحانه وتعالى- آدم وزوجه حواء على هذه الأرض، أصبحت المرأة ركيزة من ركائز الحياة، فقد تلقت الأمر الإلهيمثلما تلقاه آدم بسكنى الجنة، وصدر الخطاب بضمير المثنى لمخاطبة آدم ومخاطبة حواء على قددم المساواة.. (نكالا)، (ولا تقربا).. ثم تمضي مسيرة حواء (فأزلهما الشيطان).. فالخطاب الإلهي والتوجيه السماوي يتوجه إلى المرأة بنفس القدر الذي يتوجه به إلى الرجل سواء بسواء.. إذ يتكافآن ثوابا وعقابا. ثم تمضي المشيئة الإلهية إلى غايتها فيتقاتل الشقيقان ويقتل أحدهما الآخر بسبب (المرأة) وكانت تلك الجريمة الأولى في تاريخ البشرية. ولست أريد أن أستطرد في مجريات الأحداث التي جعلت من المرأة كيانا له أهميته وخطورته وقدرته على الدفع بأحداث الدنيا إلى آفاق مترامية، ولكنني أريد أن أقدم لهذا الكتاب الذي أعتبره نقطة مضيئة فيما يثار حول المرأة في السنوات الأخيرة من مواقف متشابكة، وتيارات متضاربة، ومفاهيم مغلوطة، ومسارات معقدة.. تحاول كل طائفة أن تنحو بالمرأة المنحى الذي يتفق مع مقاصدها ومراميها، وأن توظف قضية المرأة المعاصرة وما يثار حولها من غبار كثيف في سبيل تحقيق أهاف بعيدة أو قريبة تستجيب لغايات العولمة وتوجهاتها الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية أيضا، متجاهلة بذلك الثقافات والمعتقدات التي تضبط مسيرة المرأة في كل مجالات الحياة، وتحد الإطار العقائي لحركة المرأة في الأسرة والمجتمع.. بما يتفق مع الرسالة الإنسانية التي أرادها الخالق –سبحانه وتعالى- للمرأة لتكون طاقة خلاقة في بناء المجتمع الإنساني كله.. وحسب هذا الكتاب أن يطرح مجموعة متميزة من الأفكار والرؤى بأقلام نخبة طيبة من السيدات والسادة الباحثين والعلماء، برؤية موضوعية وخبرة علمية واسعة تمكنهم من الإحاطة بالموضوع إحاطة متكاملة.. ولئن كانت صورة المرأة في الإعلام تختلف حولها الرؤى وتتعد وجهات النظر حيالها؛ إلا أن هذا الكتاب يحاول أن يحيط بأطراف الموضوع إحاطة موضوعية مخلصة.. وإذ أشكر للسادة الكُتَّاب جهودهم الثرية، وإخلاصهم في عرض موضوع الكتاب عرضا موضوعيا منصفا، فإني أرجو أن تكون مادة هذا الكتاب نقطة ضوء تتيح للباحثين عن الحقيقة، تلمس طريقهم نحو الحقيقة، وهي مبتغانا جميعا، خاصة ونحن في عصر يثار فيه غبار كثيف قد يحجب الرؤى الصحيحة ويطمس الحقائق. إن موضوع المرأة الذي يثار حاليا بشكل قد يشوبه قدر من التجاوز والمبالغة إنما يغفل حقيقة مهمة وهي العلاقة المشتركة بين الرجل والمرأة باعتبارهما طرفي الأسرة. فالرجل في نظرته للمرأة ينظر إليها من منطلق المشاركة أو الأمومة أو البنوة، ومن ثم يكون التعامل معها من قبيل الحوار والفهم المتبادل، وليس صراعا أو سيطرة أو طمسا لحقوق أو استزادة لواجبات. ومن ثم يمكن أن تتكامل الرؤى التي تضمها الأقسام الخمسة للكتاب، أما القسم الأول: صورة المرأة في وسائل الإعلام، فيضم: صورة المرأة في الإعلام.. ما هي وكيف تكون؟ للدكتورة/ سحر حجازي، صورة المرأة العربية والمسلمة في وسائل الإعلام للأستاذة/ إلهام لطيفي، صورة المرأة في الأغاني الموسيقية المصورة (الفيديو كليب) وأثرها على المجتمع العربي والمسلم للأستاذ/ عبد الحميد الصالحي. أما القسم الثاني: فيتضمن صورة المرأة في الصحافة الدينية: دراسة تحليلية لصحف اللواء الإسلامي، عقيدتي، صوت الأزهر، للدكتور/ رضا عبد الواجد أمين يوسف. ويتناول القسم الثالث: عولمة قضايا المرأة والأسرة في وسائل الإعلام، حيث يضم: عولمة قضايا المرأة في وسائل الإعلام المرئية للدكتورة/ نهى القاطرجي، عولمة الأسرة المخاطر التي تواجهها المرأة المسلمة من خلال إفساد الأسرة للدكتور/ فؤاد بن عبد الكريم، دور الإعلام الهادف في مواجهة عولمة الأسرة المسلمة (مجلة الزهور نموذجا) للأستاذة هناء عبد السلام. ويتضمن القسم الرابع: صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي من خلال: صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي للدكتورة/ فوزية العشماوي، صورة المرأة المسلمة في الإعلام الغربي للدكتور/ المكي اقلانيه. أما القسم الخامس: التفعيل الإعلامي للمواثيق الدولية المتعلقة بالمرأة، فيضم: التفعيل الإعلامي للمواثيق الدولية الخاصة بالمرأة للدكتورة/ منال أبو الحسن فؤاد. وفي النهاية ندعو الله العلي القدير أن ينفع بهذا العمل المسلمين والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل..